يروى أنّ الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري توقّفا عند إحدى محطات التزوّد بالوقود, وحينما توجّها إلى عامل المحطة لدفع المبلغ المطلوب, فوجئت هيلاري بشخص كبير في السن يحييها بحرارة, فإذا هو زميل قديم كان قد طلب منها الزواج.
بعد أن غادرا قال لها الرئيس كلينتون: هل كنت ستتزوجين هذا الشخص؟! فقالت: نعم.
فردّ عليها ساخراً: تصوّري لو أنك قبلت به زوجاً؛ لأمضيت حياتك كلها زوجة لعامل محطة التزوّد بالوقود. فردّت عليه بنبرة واثقة «بل لصنعت منه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية, وربما كنت أنت عامل المحطة»..
هذه واحدة من أشهر قصص الثقة بالنفس التي يجب على كلِّ شخص طموح أن يمتلك هذه الصفة, وهي شرط أساسي لتحقيق ما نطمح إليه في حياتنا.. ولو تأمّلنا وقرأنا في سير الناجحين والعظماء، سنجد أنّ الثقة التامة بأنفسهم هي من أهم الصفات التي كانوا يتحلّون بها وعلى رأسهم نبينا محمد عليه الصلاة والسلام.
كنت في اتصال هاتفي مع الدكتور مُريد الكُلاّب خبير تطوير الذات والتنمية البشرية, وسألته عن مدى أهمية ثقة الفرد بنفسه وبقدراته، فقال: «ثقتنا بأنفسنا تساوي قدرتنا على النجاح؛ لكون الثقة في النفس هي مصدر المبادرة ومحفّز للانطلاق نحو الأمام وحاذي سيرنا قدماً وباعث روح المثابرة في نفوسنا، ولولا الثقة لتقاعسنا وضعفنا أمام أي عقبة تعترضنا في طريقنا.
والثقة في النفس تساوي السعادة لكونها مصدر الرضا عن الذات وجسر التواصل والتصالح معهم، وهي أساس الطمأنينة في نفوسنا، وأفضل مصدر للثقة هو أن نستمدّها من إيماننا بخالقنا - سبحانه - ويتحقّق ذلك بقدر توكُّلنا عليه واستعانتنا به وإدارة رحى تفكيرنا في كونه - سبحانه وتعالى - يحبنا ويريد لنا الخير.
والثقة في النفس تساوي قدرتنا على إطلاق قدراتنا الكامنة والاستفادة منها أقصى درجات الاستفادة, فالإبداع والخبرة والقدرة والذكاء كلها رموز مبهمة لا يمكن فهمها إذا لم تترجم في قاموس الواثقين»..
إذا كنت تتمنى بأن تصبح غنياً, أو رجل أعمال, أو كاتباً صحفياً, أو مديراً للشركة التي تعمل بها, فيجب أولاً أن تثق بنفسك وبقدراتك التي وهبك إياها الخالق - عزّ وجل - حتى تحقِّق مناك.
ما الذي جعل أغنى أغنياء العالم «بيل غيتس» يترك مقاعد جامعة هارفارد - وهي أفضل جامعة بالعالم - ويتجه للعمل الخاص؟!.
ثقتك وإيمانك التام بقدراتك ومواهبك تجعلك تقدم على كل شيء تطمح إليه وتتمناه.
والله - عزّ وجل - دعانا لنبصر في أنفسنا عندما قال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ}، ولو تأمّلنا وأبصرنا في أنفسنا سنجد أنّ الله أودع فينا قدرات وطاقات وقوى كامنة, لو استخدمنا فقط 10% منها لدخلنا مرحلة العبقرية (كما تقول الدراسات).
ثق أنّ هناك مميزات ميّزك الخالق بها عن غيرك, وهذه المميّزات لو اكتشفتها ثم وثقت بها وطوّرتها لكانت كفيلة وسبباً - بعد الله - في نجاحك وتفوّقك في الحياة. يجب أن تستثمر بنفسك الآن من خلال قراءة الكتب أو الأشرطة السمعية، أو حضور بعد الدورات التي تتحدث في هذا المجال، وستجني أرباحاً طائلة في المستقبل.
ويجب أن أشير إلى نقطة مهمة هنا, وهي أنّ كل إنسان لديه قدرات (هذا شيء لا محالة) ولكن هناك قدرات عقلية ووجدانية, فيجب أن تعرف من أي الصنفين أنت؟!
عند امتلاكك للثقة التامة بالنفس سوف لن تقلق بشأن الحصول على وظيفة, ولن يقلقك نجاح وتقدم الآخرين, بل ستتمناه لهم كما تتمناه لنفسك, وستطمئن كثيراً بأنك سوف تحقق كل ما ترغب به وتتمناه في حياتك, ولن تكترث أبداً من كلام المحبطين, وستمضي قدماً واثقاً من خطواتك, وستتغير حياتك إلى تفاؤل وأمل وأكثر اطمئنان.
وما من شيء أكثر إشباعاً وروعة في الحياة من تحرير قدراتك وطاقاتك غير المحدودة وعيش حياة مبدعة هادفة ذات مغزى..