لماذا كانت الهجرة؟
وما الدروس المستفادة منها؟
وما أثرها على الإسلام والمسلمين؟
مر 1431 عاما على هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، إذ هاجر صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه يوم الاثنين من شهر ربيع الأول من السنة الثالثة عشرة للبعثة الى المدينة المنورة، وما إن وصل إليها حتى استقبله الأنصار والمهاجرون استقبالا عظيما.
لقد جمع عمر بن الخطاب الصحابة رضوان الله عليهم، لاتخاذ تاريخ يؤرخون به وتناقشوا في مولد الرسول صلى الله عليه وسلم وهو حدث عظيم، وفي بعثته صلى الله عليه وسلم وهو حدث عظيم، فقال علي رضي الله عنه: لنؤرخ من تاريخ الهجرة ففيه كانت دولة المسلمين وعزتهم، فأقر الصحابةُ رضوان الله عليهم ذلك لأهمية هذا اليوم في تاريخ المسلمين والبشرية جمعاء.
ولكن لماذا هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
هاجر ليقيم دولة الإسلام، التي تقيم الحدود وتحمي الثغور وتفتح البلاد وتنشر الإسلام في ربوع العالمين.
ولكن لماذا سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإقامة الدولة الإسلامية؟
لأن الله سبحانه وتعالى أمره أن يعرض نفسه ودينه على القبائل العربية وكانت بمثابة دول في عصرنا كي يمكنوه ودعوته من الحكم (وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ) المائدة49
ولأن الإسلام لا يمكن أن يطبق كاملا إلا في ظل دولته القائمة على عقيدته وتحكيم شرعه
والقاعدة الشرعية تقول (ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب).
فلم يكن بإمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم تطبيق الأحكام على الناس في مكة في ظل حكم الجاهلية،ولا نستطيع نحن اليوم أن نطبق أحكام الله في ظل حكم الطاغوت، ألا ترون أن كفار مكة سابقا منعوا المسلمين من أقامة شعائر دينهم حتى أنهم منعوا أبا بكر أن يستعلن بصلاته وها هم كفار اليوم من العرب والعجم في الشرق والغرب يمنعون المسلمين من الإعلان عن إقامة شعائرهم حتى الصلاة والمآذن والحجاب فضلا عن أحكام الجهاد والسياسة الشرعية.
إن تطبيق أحكام الإسلام يحتاج الى دولة قطعا ولا كلام، لهذا سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإقامة الدولة الإسلامية لتكون نقطة ارتكاز لعالمية الإسلام، وعلينا أن نقتفي أثره في إقامة دولة الإسلام كما فعل صلى الله عليه وسلم.
ولكن كيف استطاع أن يبني تلك الدولة؟
وما المراحل التي مر بها؟ لقد سار رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث مراحل هي:
1. أوجد الكتلة التي يتحمل أفرادها عبء الدعوة إلى الإسلام وهم حزب الصحابة.
2. التفاعل مع المجتمع بضرب العادات والتقاليد البالية والأفكار السقيمة وتثقيفهم جماعيا ببيان العقيدة الإسلامية النقية وطرح الأحكام الشرعية التي فيها حل لمشاكلهم إضافة الى التعرض لزعماء مكة وتعريتهم وبيان حقيقتهم حتى يضرب ولاء الناس لهم ويفرقهم عنهم، مما عرضه للأذى وعرض أصحابه للتعذيب الشديد، فسعى إلى طلب النصرة من زعماء القبائل، واستمر ذلك حتى وجد من أهل المدينة المنورة من ينصر هذه الدعوة ويتحمل تكاليفها وقد سماهم الله في كتابه بالأنصار.
3. استلام الحكم بعد الهجرة فعليا وتطبيق أحكام الإسلام تطبيقا جذريا شاملا داخل الدولة وحمل الإسلام الى العالم بالدعوة والجهاد.
هذا أعظم درس نستفيده من الهجرة، بجانب دروس أخرى وهذا هو الطريق الذي يجب أن نتبعه عند دعوتنا للإسلام.
لا ادري كيف يهنأ المسلم بطعام وشراب ولباس وهو يرى دم المسلمين ارخص دم! وأرواح المسلمين ارخص الأرواح، يرى آلاف المسلمين يقتلون ويذبحون وآلاف المسلمات تنتهك أعراضهن، ولا يدفعه ذلك الى التفكير في تغيير الأوضاع متعللا بعدم القدرة على ذلك يأسا أو جبنا..! الم يقرأ هؤلاء عن وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمالك بن سراقة بسواري كسرى وهو مهاجر شريد طريد فصدقه وهو حينئذ مشرك ورجع عنه. وقد بشر رسولكم الكريم بعودة الخلافة الراشدة الثانية على منهاج النبوة في قوله: ( ثم تكون خلافة راشدة على منهاج النبوة)
إن نصر الله عز وجل لا يتنزل على اليائسين القانطين الخاملين الذين ينتظرون ما تأتي به المقادير، بل يتنزل على المتوكلين على الله المؤمنين بصدق وعده العاملين في سبيل الوصول الى درجة يستحقون فيها نصر الله. فمن يسعى أن يتحقق فيه قول الله تعالى(وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) اللهم مكنا من إقامة دولة الإسلام وأكرمنا بها انك على كل شيء قدير
اللهم أنصارا كأنصار نبيك يمكنون لدولة قرآنك وسنة نبيك
اللهم عاجلا غير اجل
اللهم عاجلا غير اجل
اللهم عاجلا غير اجل آمين يا رب العالمين
الهجرة النبوية الشريفة
النمط المتتابع
